.الْإِدْغَامُ الصَّغِيرُ:
وَأَمَّا الْإِدْغَامُ الصَّغِيرُ: فَهُوَ مَا كَانَ الْحَرْفُ الْأَوَّلُ فِيهِ سَاكِنًا.وَهُوَ وَاجِبٌ وَمُمْتَنِعٌ وَجَائِزٌ، وَالَّذِي جَرَتْ عَادَةُ الْقُرَّاءُ بِذِكْرِهِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ هُوَ الْجَائِزُ، لِأَنَّهُ الَّذِي اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِيهِ، وَهُوَ قِسْمَان:
.أَقْسَامُ الْإِدْغَامِ الصَّغِيرِ:
الْأَوَّلُ: إِدْغَامُ حَرْفٍ مِنْ كَلِمَةٍ فِي حُرُوفٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ كَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ، وَتَنْحَصِرُ فِي: إِذْ، وَقَدْ، وَتَاءِ التَّأْنِيثِ، وَهَلْ، وَبَلْ.فَـ: (إِذْ) اخْتُلِفَ فِي إِدْغَامِهَا وَإِظْهَارِهَا عِنْدَ سِتَّةِ أَحْرُفٍ:التَّاءِ
{إِذْ تَبَرَّأَ} [الْبَقَرَة: 166].وَالْجِيمِ
{إِذْ جَعَلَ} [الْفَتْح: 26].وَالدَّالِ
{إِذْ دَخَلْتَ} [الْكَهْف: 39].وَالزَّايِ
{إِذْ زَاغَتْ} [الْأَحْزَاب: 10].وَالسِّينِ
{إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} [النُّور: 12].وَالصَّادِ
{وَإِذْ صَرَفْنَا} [الْأَحْقَاف: 29].وَ(قَدْ) اخْتُلِفَ فِيهَا عِنْدَ ثَمَانِيَةِ أَحْرُفٍ اخْتُلِفَ فِي إِدْغَامِهَا:الْجِيمِ
{وَلَقَدْ جَاءَكُمْ} [الْبَقَرَة: 92].وَالذَّالِ
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} [الْأَعْرَاف: 179].وَالزَّايِ
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا} [الْمُلْك: 5].وَالسِّينِ
{قَدْ سَأَلَهَا} [الْمَائِدَة: 102].وَالشِّينِ
{قَدْ شَغَفَهَا} [يُوسُفَ: 30].وَالصَّادِ
{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا} [الْإِسْرَاء: 41].وَالضَّادِ
{قَدْ ضَلُّوا} [النِّسَاء: 167].وَالظَّاءِ
{فَقَدْ ظَلَمَ} [الْبَقَرَة: 231].وَتَاءِ التَّأْنِيثِ اخْتُلِفَ فِيهَا عِنْدَ سِتَّةِ أَحْرُفٍ اخْتُلِفَ فِي إِدْغَامِهَا:الثَّاءِ
{بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هُودٍ: 95].وَالْجِيمِ
{نضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [النِّسَاء: 56].وَالزَّايِ
{خَبَتْ زِدْنَاهُمْ} [الْإِسْرَاء: 97].وَالسِّينِ
{أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [الْبَقَرَة: 261].وَالصَّادِ
{هُدِّمَتْ صَوَامِعُ} [الْحَجّ: 40].وَالظَّاءِ
{كَانَتْ ظَالِمَةً} [الْأَنْبِيَاء: 11].وَلَامِ (هَلْ) وَ(بَلْ) اخْتُلِفَ فِيهَا عِنْدَ ثَمَانِيَةِ أَحْرُفٍ تَخْتَصُّ (بَلْ) مِنْهَا بِخَمْسَةٍ اخْتُلِفَ فِي إِدْغَامِهَا:الزَّايِ
{بَلْ زُيِّنَ} [الرَّعْد: 33].وَالسِّينِ
{بَلْ سَوَّلَتْ} [يُوسُفَ: 18].وَالضَّادِ
{بَلْ ضَلُّوا} [الْأَحْقَاف: 28].وَالطَّاءِ
{بَلْ طَبَعَ} [النِّسَاء: 155].وَالظَّاءِ
{بَلْ ظَنَنْتُمْ} [الْفَتْح: 12].وَتَخْتَصُّ (هَلْ) بِالثَّاءِ
{هَلْ ثُوِّبَ} [الْمُطَفِّفِينَ: 36]. وَيَشْتَرِكَانِ فِي التَّاءِ وَالنُّونِ
{هَلْ تَنْقِمُونَ} [الْمَائِدَة: 59]،
{بَلْ تَأْتِيهِمْ} [الْأَنْبِيَاء: 40]،
{هَلْ نَحْنُ} [الشُّعَرَاء: 203]،
{بَلْ نَتَّبِعُ} [الْبَقَرَة: 170].الْقِسْمُ الثَّانِي: إِدْغَامُ حُرُوفٍ قَرُبَتْ مَخَارِجُهَا، وَهِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا اخْتُلِفَ فِيهَا.أَحَدُهَا: الْبَاءُ عِنْدَ الْفَاءِ فِي:
{أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ} [النِّسَاء: 74]،
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ} [الرَّعْد: 5]،
{اذْهَبْ فَمَنْ} [الْإِسْرَاء: 63]،
{فَاذْهَبْ فَإِنَّ} [طه: 97]،
{وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ} [الْحُجُرَات: 11].الثَّانِي:
{يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} فِي [الْبَقَرَة: 284].الثَّالِثُ:
{ارْكَبْ مَعَنَا} فِي [هُودٍ: 42].الرَّابِعُ:
{نخْسِفْ بِهِمُ} فِي [سَبَأٍ: 9].الْخَامِسُ: الرَّاءُ السَّاكِنَةُ عِنْدَ اللَّامِ، نَحْوُ:
{يَغْفِرْ لَكُمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 31]،
{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} [الطُّور: 48].السَّادِسُ: اللَّامُ السَّاكِنَةُ فِي الذَّالِ
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الْبَقَرَة: 231] حَيْثُ وَقَعَ.السَّابِعُ: الثَّاءُ فِي الذَّالِ فِي:
{يَلْهَثْ ذَلِكَ} [الْأَعْرَاف: 176].الثَّامِنُ: الدَّالُ فِي الثَّاء:
{وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ} [آلِ عِمْرَانَ: 145] حَيْثُ وَقَعَ.التَّاسِعُ: الذَّالُ فِي التَّاءِ مِنِ
{اتَّخَذْتُمْ} [الْبَقَرَة: 51] وَمَا جَاءَ مِنْ لَفْظِهِ.الْعَاشِرُ: الذَّالُ فِيهَا مِنْ:
{فَنَبَذْتُهَا} فِي [طه: 96].الْحَادِي عَشَرَ: الذَّالُ فِيهَا أَيْضًا فِي
{عُذْتُ بِرَبِّي} فِي [غَافِرٍ: 27] وَ[الدُّخَان: 20].الثَّانِي عَشَرَ: الثَّاءُ مِنْ
{لَبِثْتُمْ} [الْإِسْرَاء: 52] وَ
{لَبِثْتُمْ} [الْبَقَرَة: 259] كَيْفَ جَاءَا.الثَّالِثَ عَشَرَ: الثَّاءُ فِيهَا فِي
{أُورِثْتُمُوهَا} فِي [الْأَعْرَاف: 43] وَ[الزُّخْرُف: 72].الرَّابِعَ عَشَرَ: الدَّالُ فِي الذَّالِ فِي
{كهيعص ذِكْرَ} [مَرْيَمَ: 1- 2].الْخَامِسَ عَشَرَ: النُّونُ فِي الْوَاوِ، مِنْ
{يس وَالْقُرْآنِ}.السَّادِسَ عَشَرَ: النُّونُ فِيهَا، مِنْ
{ن وَالْقَلَمِ}.السَّابِعَ عَشَرَ: النُّونُ عِنْدَ الْمِيمِ مِنْ:
{طسم} أَوَّلُ (الشُّعَرَاءِ) وَ(الْقَصَصِ).قَاعِدَةٌ:كُلُّ حَرْفَيْنِ الْتَقَيَا، أَوَّلُهُمَا سَاكِنٌ- وَكَانَا مِثْلَيْنِ، أَوْ جِنْسَيْنِ- وَجَبَ إِدْغَامُ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لُغَةً وَقِرَاءَةً.فَالْمِثْلَانِ نَحْوُ:
{اضْرِبْ بِعَصَاكَ} [الْبَقَرَة: 60]،
{رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} [الْبَقَرَة: 16]،
{وَقَدْ دَخَلُوا} [الْمَائِدَة: 61]،
{اذْهَبْ بِكِتَابِي} [النَّمْل: 28]،
{وَقُلْ لَهُمْ} [النِّسَاء: 63]،
{وَهُمْ مِنْ} [النَّمْل: 89]،
{عَنْ نَفْسٍ} [الْبَقَرَة: 48]،
{يُدْرِكْكُمْ} [النِّسَاء: 78]،
{يُوَجِّهْهُ} [النَّحْل: 76].وَالْجِنْسَانِ نَحْوُ:
{قَالَتْ طَائِفَةٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 72]،
{وَقَدْ تَبَيَّنَ} [الْعَنْكَبُوت: 38]،
{إِذْ ظَلَمْتُمْ} [الزُّخْرُف: 39]،
{بَلْ رَانَ} [الْمُطَفِّفِينَ: 14]،
{هَلْ رَأَيْتُمْ}،
{وَقُلْ رَبِّ} [الْإِسْرَاء: 24].مَا لَمْ يَكُنْ أَوَّلُ الْمِثْلَيْنِ حَرْفُ مَدٍّ نَحْوُ:
{قَالُوا وَهُمْ} [الشُّعَرَاء: 96]،
{الَّذِي يُوَسْوِسُ} [النَّاس: 5].أَوْ أَوَّلُ الْجِنْسَيْنِ حَرْفُ حَلْقٍ نَحْوُ:
{فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} [الزُّخْرُف: 89].فَائِدَةٌ: كَرِهَ قَوْمٌ الْإِدْغَامَ فِي الْقُرْآنِ، وَعَنْ حَمْزَةَ أَنَّهُ كَرِهَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَحَصَّلْنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.
.تَذْنِيبٌ: في أَحْكَامُ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ:
يَلْحَقُ بِالْقِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ قِسْمٌ آخَرَ اخْتُلِفَ فِي بَعْضِهِ، وَهُوَ أَحْكَامُ النُّونِ السَّاكِنَةِ وَالتَّنْوِينِ، وَلَهُمَا أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ: إِظْهَارٌ، وَإِدْغَامٌ، وَإِقْلَابٌ، وَإِخْفَاءٌ.فَالْإِظْهَارُ: لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ عِنْدَ سِتَّةِ أَحْرُفٍ، وَهِيَ حُرُوفُ الْحَلْقِ الْهَمْزَةُ وَالْهَاءُ وَالْعَيْنُ وَالْحَاءُ وَالْغَيْنُ وَالْخَاءُ، نَحْوَ:
{يَنْأَوْنَ} [الْأَنْعَام: 26]،
{مَنْ آمَنَ} [الْبَقَرَة: 62]،
{فَانْهَارَ} [التَّوْبَة: 109]،
{مِنْ هَادٍ} [الرَّعْد: 33]،
{جُرُفٍ هَارٍ} [التَّوْبَة: 109]،
{أَنْعَمْتَ} [الْفَاتِحَة: 7]،
{مِنْ عَمَلِ} [يُونُسَ: 61]،
{عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الْبَقَرَة: 7]،
{وَانْحَرْ} [الْكَوْثَر: 2]،
{مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فُصِّلَتْ: 42]،
{فَسَيُنْغِضُونَ} [الْإِسْرَاء: 51]،
{مِنْ غِلٍّ} [الْأَعْرَاف: 43]،
{إِلَهٍ غَيْرِهِ} [الْأَعْرَاف: 59] وَ
{الْمُنْخَنِقَةُ} [الْمَائِدَة: 3]،
{مِنْ خَيْرٍ} [الْبَقَرَة: 197]،
{قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزُّخْرُف: 58].وَبَعْضُهُمْ يُخْفِي عِنْدَ الْخَاءِ وَالْغَيْنِ.وَالْإِدْغَامُ فِي سِتَّةٍ:حَرْفَانِ بِلَا غُنَّةٍ: وَهُمَا اللَّامُ وَالرَّاءُ، نَحْوُ:
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} [الْبَقَرَة: 24]،
{هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [الْبَقَرَة: 2]،
{مِنْ رَبِّهِمْ} [الْبَقَرَة: 5]،
{ثَمَرَةٍ رِزْقًا} [الْبَقَرَة: 25].وَأَرْبَعَةٌ بِغُنَّةٍ وَالْإِدْغَامِ فِي سِتَّة: وَهِيَ النُّونُ وَالْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ، نَحْوَ:
{عَنْ نَفْسٍ} [الْبَقَرَة: 48]،
{حِطَّةٌ نَغْفِرْ} [الْبَقَرَة: 58]،
{مِنْ مَالٍ} [الْمُؤْمِنُونَ: 55]،
{مَثَلًا مَا} [الْبَقَرَة: 26]،
{مِنْ وَالٍ} [الرَّعْد: 11]،
{رَعْدٌ وَبَرْقٌ} [الْبَقَرَة: 19]،
{مَنْ يَقُولُ} [الْبَقَرَة: 8]،
{وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ} [الْبَقَرَة: 19].وَالْإِقْلَابُ: عِنْدَ حَرْفٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْبَاءُ نَحْوُ:
{أَنْبِئْهُمْ} [الْبَقَرَة: 33]،
{مِنْ بَعْدِهِمْ} [الْبَقَرَة: 253]،
{صُمٌّ بُكْمٌ} [الْبَقَرَة: 18] بِقَلْبِ النُّونِ وَالتَّنْوِينِ عِنْدَ الْبَاءِ مِيمًا خَاصَّةً، فَتُخْفَى بِغُنَّةٍ.وَالْإِخْفَاءُ: عِنْدَ بَاقِي الْحُرُوفِ، وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ: التَّاءُ وَالثَّاءُ وَالْجِيمُ وَالدَّالُ وَالذَّالُ وَالزَّايُ وَالسِّينُ وَالشِّينُ وَالصَّادُ وَالضَّادُ وَالطَّاءُ وَالظَّاءُ وَالْفَاءُ وَالْقَافُ وَالْكَافُ، نَحْوَ:
{كُنْتُمْ} [الْبَقَرَة: 23]،
{وَمَنْ تَابَ} [هُودٍ: 112]،
{جَنَّاتٍ تَجْرِي} [الْبَقَرَة: 25]،
{بِالْأُنْثَى} [الْبَقَرَة: 178]،
{مِنْ ثَمَرَةٍ} [الْبَقَرَة: 25]،
{قَوْلًا ثَقِيلًا} [الْمُزَّمِّل: 5]،
{أَنْجَيْتَنَا} [يُونُسَ: 22]،
{إِنْ جَعَلَ} [الْقَصَص: 71]،
{خَلْقًا جَدِيدًا} [الْإِسْرَاء: 49].
{أَنْدَادًا} [الْبَقَرَة: 22]،
{أَنْ دَعَوْا} [مَرْيَمَ: 91]،
{كَأْسًا دِهَاقًا} [النَّبَأ: 34]،
{أَأَنْذَرْتَهُمْ} [الْبَقَرَة: 6]،
{مِنْ ذَهَبٍ} [الْكَهْف: 31]،
{وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ} [الْإِسْرَاء: 2- 3]،
{تَنْزِيلٌ مِنْ} [فُصِّلَتْ: 2]،
{مِنْ زَوَالٍ} [إِبْرَاهِيمَ: 44]،
{صَعِيدًا زَلَقًا} [الْكَهْف: 40]،
{الْإِنْسَانُ} [النِّسَاء: 28]،
{مِنْ سُوءٍ} [يُوسُفَ: 51]،
{وَرَجُلًا سَلَمًا} [الزُّمَر: 29]،
{أَنْشَرَهُ} [عَبَسَ: 22]،
{إِنْ شَاءَ} [الْبَقَرَة: 70]،
{غَفُورٌ شَكُورٌ} [فَاطِرٍ: 30]،
{وَالْأَنْصَارِ} [التَّوْبَة: 100]،
{أَنْ صَدُّوكُمْ} [الْمَائِدَة: 2]،
{جِمَالَةٌ صُفْرٌ} [الْمُرْسَلَات: 33]،
{مَنْضُودٍ} [هُودٍ: 82]،
{مَنْ ضَلَّ} [الْمَائِدَة: 105]،
{وَكُلًّا ضَرَبْنَا} [الْفُرْقَان: 39]،
{الْمُقَنْطَرَةِ} [آلِ عِمْرَانَ: 14]،
{مِنْ طِينٍ} [الْأَنْعَام: 2]،
{صَعِيدًا طَيِّبًا} [النِّسَاء: 43]،
{يَنْظُرُونَ} [الْبَقَرَة: 210]،
{مِنْ ظَهِيرٍ} [سَبَأٍ: 22]،
{ظِلًّا ظَلِيلًا} [النِّسَاء: 57]،
{فَانْفَلَقَ} [الشُّعَرَاء: 63]،
{مِنْ فَضْلِهِ} [الْبَقَرَة: 90]،
{خَالِدًا فِيهَا} [النِّسَاء: 14]،
{انْقَلَبُوا} [يُوسُفَ: 62]،
{مِنْ قَرَارٍ} [إِبْرَاهِيمَ: 26]،
{سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سَبَأٍ: 50]،
{الْمُنْكَرِ} [آلِ عِمْرَانَ: 104]،
{مِنْ كِتَابٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 81]،
{كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النَّمْل: 29].وَالْإِخْفَاءُ حَالَةٌ بَيْنَ الْإِدْغَامِ وَالْإِظْهَارِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْغُنَّةِ مَعَهُ.
.النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي الْمَدِّ وَالْقَصْرِ:
أَفْرَدَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ بِالتَّصْنِيفِ.وَالْأَصْلُ فِي الْمَدّ: مَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِه: حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ يَزِيدٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ:
«كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُقْرِئُ رَجُلًا، فَقَرَأَ الرَّجُلُ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التَّوْبَة: 60] مُرْسَلَةً.فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا هَكَذَا أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.فَقَالَ: كَيْفَ أَقْرَأَكَهَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟فَقَالَ أَقْرَأَنِيهَا {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فَمَدَّ». وَهَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ حُجَّةٌ، وَنَصٌّ فِي الْبَابِ، رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ.الْمَدُّ: عِبَارَةٌ عَنْ زِيَادَةِ مَطٍّ فِي حَرْفِ الْمَدِّ عَلَى الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ؛ وَهُوَ الَّذِي لَا تَقُومُ ذَاتُ حَرْفِ الْمَدِّ دُونَهُ.وَالْقَصْرُ: تَرْكُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَإِبْقَاءُ الْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ عَلَى حَالِهِ.وَحَرْفُ الْمَدِّ (الْأَلِفُ) مُطْلَقًا وَ(الْوَاوُ) السَّاكِنَةُ الْمَضْمُومُ مَا قَبْلَهَا وَالْيَاءُ السَّاكِنَةُ الْمَكْسُورُ مَا قَبْلَهَا.وَسَبَبُهُ: لَفْظِيٌّ وَمَعْنَوِيٌّ أَيِ الْمَدِّ.فَاللَّفْظِيُّ: إِمَّا هَمْزٌ أَوْ سُكُونٌ:فَالْهَمْزُ: يَكُونُ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ وَقَبْلَهُ.وَالثَّانِي نَحْوُ: آدَمَ وَرَأَى وَإِيمَانٍ وَخَاطِئِينَ وَأُوتُوا وَالْمَوْءُودَةِ.وَالْأَوَّلُ إِنْ كَانَ مَعَهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ الْمُتَّصِلُ نَحْوُ:
{أُولَئِكَ}،
{شَاءَ اللَّهُ} وَ
{السُّوءَ} [الرُّوم: 10] وَ
{مِنْ سُوءٍ} [آلِ عِمْرَانَ: 30] وَ
{يُضِيءُ} [النُّور: 35].وَإِنْ كَانَ حَرْفُ الْمَدِّ آخَرَ كَلِمَةٍ وَالْهَمْزُ أَوَّلُ أُخْرَى فَهُوَ: الْمُنْفَصِلُ نَحْوُ:
{بِمَا أَنْزِلَ} {يَا أَيُّهَا} {قَالُوا آمَنَّا} {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} {فِي أَنْفُسِكُمْ}،
{بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ}.وَوَجْهُ الْمَدِّ لِأَجْلِ الْهَمْز: أَنَّ حَرْفَ الْمَدِّ خَفِيٌّ، وَالْهَمْزُ صَعْبٌ، فَزِيدَ فِي الْخَفِيِّ لِيُتَمَكَّنَ مِنَ النُّطْقِ بِالصَّعْبِ.وَالسُّكُونُ وَأَقْسَامُهُ: إِمَّا لَازِمٌ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ فِي حَالَيْه: نَحْوُ:
{الضَّالِّينَ} وَ
{دَابَّةٍ} [الْبَقَرَة: 164] وَ
{الم} وَ
{أَتُحَاجُّونِّي} [الْأَنْعَام: 80].أَوْ عَارِضٌ: وَهُوَ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْوَقْفِ وَنَحْوِه: نَحْوُ:
{الْعِبَادِ} [يَس: 30] وَ
{الْحِسَابِ} [الْبَقَرَة: 202] وَ
{نَسْتَعِينُ} وَ
{الرَّحِيمِ} وَ
{يُوقِنُونَ} [الْبَقَرَة: 4] حَالَةَ الْوَقْفِ وَ
{فِيهِ هُدًى} [الْبَقَرَة: 2] وَ
{قَالَ لَهُمْ} [الْبَقَرَة: 247] وَ
{يَقُولُ رَبَّنَا} [الْبَقَرَة: 200] حَالَةَ الْإِدْغَامِ.وَوَجْهُ الْمَدِّ لِلسُّكُونِ التَّمَكُّنُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ، فَكَأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ حَرَكَةٍ.وَقَدْ أَجْمَعَ الْقُرَّاءُ عَلَى مَدِّ نَوْعَيِ الْمُتَّصِلِ، وَذِي السَّاكِنِ اللَّازِمِ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ.وَاخْتَلَفُوا فِي مَدِّ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْن: وَهُمَا الْمُنْفَصِلُ، وَذُو السَّاكِنِ الْعَارِضِ، وَفِي قَصْرِهِمَا.فَأَمَّا الْمُتَّصِلُ وَمَدُّهُ فِي الْقِرَاءَة: فَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ عَلَى مَدِّهِ قَدْرًا وَاحِدًا مُشَبَّعًا مِنْ غَيْرِ إِفْحَاشٍ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَفَاضُلِهِ كَتَفَاضُلِ الْمُنْفَصِلِ، فَالطُّولِيُّ لِحَمْزَةَ وَوَرْشٍ، وَدُونَهَا لِعَاصِمٍ، وَدُونَهَا لِابْنِ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيِّ وَخَلَفٍ، وَدُونَهَا لِأَبِي عَمْرٍو وَالْبَاقِينَ.وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ مَرْتَبَتَانِ فَقَطْ: الطُّولِيُّ لِمَنْ ذَكَرَ، وَالْوَسَطِيُّ لِمَنْ بَقِيَ.وَأَمَّا ذُو السَّاكِن: وَيُقَالُ لَهُ: مَدُّ الْعَدْلِ لِأَنَّهُ يَعْدِلُ حَرَكَةً، فَالْجُمْهُورُ- أَيْضًا- عَلَى مَدِّهِ مُشَبَّعًا قَدْرًا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَفَاوُتِهِ.وَأَمَّا الْمُنْفَصِلُ: وَيُقَالُ لَهُ: مَدُّ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ وَمَدُّ الْبَسْطِ، لِأَنَّهُ يَبْسُطُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ، وَمَدُّ الِاعْتِبَارِ لِاعْتِبَارِ الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ كَلِمَةٍ، وَمَدُّ حَرْفٍ بِحَرْفٍ، أَيْ: مَدُّ كَلِمَةٍ بِكَلِمَةٍ، وَالْمَدُّ الْجَائِزُ، مِنْ أَجْلِ الْخِلَافِ فِي مَدِّهِ وَقَصْرِهِ. فَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْعِبَارَاتُ فِي مِقْدَارِ مَدِّهِ اخْتِلَافًا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ.وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ سَبْعَ مَرَاتِبَ أَيْ مَدُّ الْفَصْل:الْأُولَى: الْقَصْرُ، وَهُوَ حَذْفُ الْمَدِّ الْعَرَضِيِّ وَإِبْقَاءُ ذَاتِ حَرْفِ الْمَدِّ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَهِيَ فِي الْمُنْفَصِلِ خَاصَّةً لِأَبِي جَعْفَرٍ وَابْنِ كَثِيرٍ، وَلِأَبِي عَمْرٍو عِنْدَ الْجُمْهُورِ.الثَّانِيَةُ: فُوَيْقَ الْقَصْرِ قَلِيلًا، وَقُدِّرَتْ بِأَلِفَيْنِ وَبَعْضُهُمْ بِأَلِفٍ وَنِصْفٍ. وَهِيَ لِأَبِي عَمْرٍو، فِي الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ عِنْدَ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ.الثَّالِثَةُ: فُوَيْقَهَا قَلِيلًا، وَهِيَ التَّوَسُّطُ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَقُدِّرَتْ بِثَلَاثِ أَلِفَاتٍ وَقِيلَ: بِأَلِفَيْنِ وَنِصْفٍ وَقِيلَ: بِأَلِفَيْنِ، عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهَا بِأَلْفٍ وَنِصْفٍ وَهِيَ لِابْنِ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيِّ فِي الضَّرْبَيْنِ، عِنْدَ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ.الرَّابِعَةُ: فُوَيْقَهَا قَلِيلًا، وَقُدِّرَتْ بِأَرْبَعِ أَلِفَاتٍ، وَقِيلَ: بِثَلَاثٍ وَنِصْفٍ، وَقِيلَ: بِثَلَاثٍ، عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا قَبْلَهَا، وَهِيَ لِعَاصِمٍ فِي الضَّرْبَيْنِ عِنْدَ صَاحِبِ التَّيْسِيرِ.الْخَامِسَةُ: فُوَيْقَهَا قَلِيلًا، وَقَدِّرَتْ بِخَمْسِ أَلِفَاتٍ، وَبِأَرْبَعٍ وَنِصْفٍ، وَبِأَرْبَعٍ عَلَى الْخِلَافِ، وَهِيَ فِيهَا لِحَمْزَةَ وَوَرْشٍ عِنْدَهُ.السَّادِسَةُ: فَوْقَ ذَلِكَ، وَقَدَّرَهَا الْهُذَلِيُّ بِخَمْسِ أَلِفَاتٍ عَلَى تَقْدِيرِ الْخَامِسَةِ بِأَرْبَعٍ، وَذَكَرَ أَنَّهَا لِحَمْزَةَ.السَّابِعَةُ: الْإِفْرَاطُ، قَدَّرَهَا الْهُذَلِيُّ بِسِتٍّ، وَذَكَرَهَا لِوَرْشٍ.قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي تَقْدِيرِ الْمَرَاتِبِ بِالْأَلِفَاتِ لَا تَحْقِيقَ وَرَاءَهُ، بَلْ هُوَ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمَرْتَبَةَ الدُّنْيَا- وَهِيَ الْقَصْرُ- إِذَا زِيدَ عَلَيْهَا أَدْنَى زِيَادَةٍ صَارَتْ ثَانِيَةً، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْقُصْوَى.وَأَمَّا الْعَارِضُ: فَيَجُوزُ فِيهِ- لِكُلٍّ مِنَ الْقُرَّاءِ- كُلٌّ مِنَ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَة: الْمَدُّ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ، وَهِيَ أَوْجُهُ تَخْيِيرٍ.وَأَمَّا السَّبَبُ الْمَعْنَوِيُّ: فَهُوَ قَصْدُ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّفْيِ، وَهُوَ سَبَبٌ قَوِيٌّ مَقْصُودٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَإِنْ كَانَ أَضْعَفَ مِنَ اللَّفْظِيِّ عِنْدَ الْقُرَّاءِ.وَمِنْهُ مَدُّ التَّعْظِيمِ فِي نَحْو:
{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [الْبَقَرَة: 163]،
{لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصَّافَّات: 35]،
{لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ} [الْأَنْبِيَاء: 87] وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَصْحَابِ الْقَصْرِ فِي الْمُنْفَصِلِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَيُسَمَّى مَدُّ الْمُبَالَغَةِ.قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ فِي كِتَابِ الْمَدَّاتِ: إِنَّمَا سُمِّيَ مَدُّ الْمُبَالَغَةِ، لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِلْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ إِلَهِيَّةِ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى.قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهَا تَمُدُّ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَعِنْدَ الِاسْتِغَاثَةِ، وَعِنْدَ الْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ شَيْءٍ، وَيَمُدُّونَ مَا لَا أَصْلَ لَهُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ.قَالَ ابْنُ الْجَزَرِيّ: وَقَدْ وَرَدَ عَنْ حَمْزَةَ مَدَّ الْمُبَالَغَةِ لِلنَّفْيِ فِي (لَا) الَّتِي لِلتَّبْرِئَةِ، نَحْوُ:
{لَا رَيْبَ فِيهِ} [الْبَقَرَة: 2]،
{لَا شِيَةَ فِيهَا} [الْبَقَرَة: 71]،
{لَا مَرَدَّ لَهُ} [الرُّوم: 43]،
{لَا جَرَمَ} [هُودٍ: 22] وَقَدْرُهُ فِي ذَلِكَ وَسَطٌ، لَا يَبْلُغُ الْإِشْبَاعَ لِضَعْفِ سَبَبِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقِصَاعِ.وَقَدْ يَجْتَمِعُ السَّبَبَان: اللَّفْظِيُّ وَالْمَعْنَوِيُّ، فِي نَحْو:
{لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [الصَّافَّات: 35] وَ
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [الْبَقَرَة: 256] وَ
{لَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [الْبَقَرَة: 173]. فَيُمَدُّ لِحَمْزَةَ مَدًّا مُشْبَعًا عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمَدِّ لِأَجْلِ الْهَمْزِ، وَيُلْغَى الْمَعْنَوِيُّ إِعْمَالًا لِلْأَقْوَى وَإِلْغَاءً لِلْأَضْعَفِ.